أمضى وقتا طويلا دون حراك وهو يرقب بإمعان من خلال دخان سيجارته الكثيف أسراب أسماك القيشانى وهى تسبح فوق موجتها الوحيدة, فى إذعان رتيب, دون أن تمل.
أخذت قطرات من العرق تلمع على جبينه، ورأسه تهتز، وعيناه تبرزان إلى الأمام،
وهو يحاول جاهداً طرح الشىء الصلب مفرط الحجم.
عندما أفاق, كان يشعر بدوار شهىّ واسترخاء ناعم.
استجمع شتات قوّته وهو ينهض ممسكاً بالغطاء, ثم مال برأسه وأطل إطلالة متريثة, ليرى
حجم العمل الهائل الذى قام به، وتعجب كثيراً: كيف يتسنّى له فى كل مرة اقتراف ذلك؟.
كانت الرائحة الثقيلة تدفعه للخلف.
أنزل الغطاء برفق وهو يودع ما بالداخل بنظرة واهنة.
همّ بالخروج فوجد نفسه يطفو, حتى انه أحنى رأسه خشية الاصطدام بعارضة الباب.
ولكنه عاد بعد قليل يحمل بصعوبة سطلاً كبيراً ممتلئاً بالماء.
كانت ابتسامة خبيثة تلمع فى قتامة وجهه, وهو يراقب غرق الجثة اللعينة،
طامساً معالم فعلته إلى الأبد.